The Dance (Arabic Text)
by Hamdy El-Gazzar / June 16, 2014 / No comments
عنوان العمود : مِن مصر
الكاتب: حمدي الجزَّار
أديب مصري، درَسَ الفلسفة، من أعماله الروائية: “سحْر أسْود”، و”لذَّاتٌ سِرّية”، و”كتاب السُطورُ الأَرْبَعة”، و”مَلحمة ثَورتنا”، تُرْجِمتْ أعماله إلى الإنجليزية والتركية والفرنسية والتشيكية، حاز جائزة مؤسسة ساويرس للأدب المصري 2006، واختيِّرَ في مشروع بيروت 39 ، أفضل الكُتَّاب العرب دون الأربعين.
موضوع الكتابة :
في هذه المساحة يُعنىَ الكاتب بشئون الثقافة والأدب المصري والعربي، وقضايا حرية الإبداع والفكر والتعبير في الوطن العربي، ويكتب بلا حدود، وبالأسلوب والنوع الأدبي الذي يراه، ومتحررًا من كل قيد.
الرقص..الرقص
أمام لجان انتخابات رئاسية ذهب إليها مواطنون ومواطنات للإدلاء بأصواتهم ثمة نساء سافرات ومحجبات ومنقبات قليلات، شابات وعجائز، وثمة أغنية “بشرة خير” من كلمات المصري أيمن بهجت قمر ومن غناء الإماراتي حسين الجسمي، وثمة رقص، رقص شرقي خالص يحكمه إيقاع الطبل، رقص بلدي مصري أصيل، له تاريخ طويل.
فور إعلان النتيجة، المتوقعة وغير المفاجئة، في المؤتمر الرسمي، ثمة صحفيات يرقصن، وفي ميدان التحرير، وفى المهندسين، وفي غيرها من ميادين، ثمة راقصات نحيفات وبدينات، آنسات، وأمهات وجدات، ورقص فادح وساخن وطويل، على الإسفلت، والتراب، وفي السيارات والبلكونات.
الرقص فن مصري أصيل كالفول والكشري، وجُعة قدماء المصريين!
في الرقص تزهو امرأتنا بجسدها اللدن الذي يلاغي الموسيقي، وفيه تصير مركز المسرح، البطلة الوحيدة بلا أدوار ثانوية، بلا مساعدين، بلا مشاركين، لا يرافقها سوى أصوات الآلات الموسيقية، وغناء يستحث الجسد على البوح بجماله، وعرض فنه. وسواء كان الرقص على مسرح أو في فيلم أو فيديو كليب أم في الحياة الواقعية: في حفل زفاف، ختان، أو دقة زار، أو انتخابات رئاسية، فالأمر عند امرأتنا سواء. الرقص، كتعبير عن السرور والفرح والانبساط هو صنعة الأنثى المصرية وفنها، كما هو عويلها وصوَّاتها وعدُّودتها خلف نعوش الذاهبين للقبور، وأمام شواهد الموتى.
الأنثى المصرية التي استحثها القادة السياسيون على النزول لمسرح السياسة مصطحبة معها الزوج والابن والقريب وقفت على خشبة المسرح كبطلة، صاحبة الدور الأول، وشاركت في الانتخابات بكل فنونها الجميلة، وبفنها الأعظم الأكبر، شاركت بالرقص.
والرقص في بلادي مبهج وجميل، ترقص المرأة في الفرح وتزويج الأبناء والأحفاد، وفي استقبال المولود، وفي ليلة صفاء مع الزوج، وأمام غرفة العريس والعروس.. وها هي ترقص من أجل البطل الشعبي المُخلص للبلاد من غم التزمت وظلام السواد، ها هي ترقص من أجل حريتها في أن ترقصّ!
الرقص في بلادي فاتح شهية، وممهد لليلة الغرام، وقد رقصت نساؤنا الصبيات والعجائز، أمام لجان الانتخابات، ويوم النصر، ودعون البطل للدخول لغرفة الزفاف، ليلة الدخلة، وها هن قد قلن له: “الليلة فرح ورقص، فأسعدنا يا عريس، لتهبنا السعادة يا عريس، لتحنو علينا، لترينا كم أنت رجل، هيا اعطنا الفرح فقد أعطيناك الكثير، رقصنا فرحا بك ولك فأسعدنا..هبنا السعادة والفرح يا عريس”.
والعريس لم يعد بشيء، العريس لم يقل شيئًا ودخل غرفة العرس بابتسامة واثقة. والراقصات، النساء، ينتظرن بشغف ما الذي سيفعله العريس. هن يرين إنه عريس ممتاز كما يبدو من هيئته وموقعه وأفعاله السابقة، وهو يدرك أهميتهن في المشهد، في الحياة، هو يعرف”إن مكرهن عظيم” وهن يعرفن كيف يغضبن ويسخطن ويُحلن حياة العريس لجحيم إذا لم يعطهن ما اشتهين، إذا ما خيب آمالهن العريضة، وأحلامهن العظيمة التي لا حد لها.
وفي البدء، وفي الختام، الرقص جميل، جميل الرقص!