Morsi in Prison (Arabic Text)
by Hamdy El-Gazzar / November 18, 2013 / No comments
عنوان العمود : مِن مصر
الكاتب: حمدي الجزَّار
أديب مصري، درَسَ الفلسفة، من أعماله الروائية: “سحْر أسْود”، و”لذَّاتٌ سِرّية”، و”كتاب السُطورُ الأَرْبَعة”، و”مَلحمة ثَورتنا”، تُرْجِمتْ أعماله إلى الإنجليزية والتركية والفرنسية والتشيكية، حاز جائزة مؤسسة ساويرس للأدب المصري 2006، واختيِّرَ في مشروع بيروت 39 ، أفضل الكُتَّاب العرب دون الأربعين.
موضوع الكتابة :
في هذه المساحة يُعنىَ الكاتب بشئون الثقافة والأدب المصري والعربي، وقضايا حرية الإبداع والفكر والتعبير في الوطن العربي، ويكتب بلا حدود، وبالأسلوب والنوع الأدبي الذي يراه، ومتحررًا من كل قيد.
من مصر
حمدي الجزار
مرسي في القفص
الاثنين 4نوفمبر مَثلَ الرئيس المخلوع، محمد مرسي، وبعض كبار قيادات جماعة الإخوان في قفص الاتهام، مُتهمين بالتحريض على قتل المتظاهرين السلميين أمام أبواب وأسوار قصر الاتحادية، الذي كان يقطنه مرسي في ذلك الوقت. مرسي سيواجه بتهم أخرى في قضايا عديدة، منها التخابر مع حماس- حماس جزء من جماعة الإخوان، والتنظيم الدولي للجماعة- والهروب من السجن يوم الثامن والعشرين
من يناير 2011, وغيرها.
دراما تراجيدية، يونانية قديمة، بطلها شخصية مركبة، نالها من السخرية، والنقد
والتنكيت ما لم ينله رئيس أو حاكم في تاريخ مصر القديم والمعاصر!
محمد مرسي الذي شغل كرسي الرئاسة لعام كامل، لم يكن هو الرجل الذي باستطاعته أن يقود بلدًا بحجم مصر، وفي ظروف ثورة أطاحتْ بديكتاتور مستبد حكمها لثلاثين عامًا. فمرسي لم يكن الرجل الأول في تنظيم جماعة الإخوان المسلمين، وحين ترشح للرئاسة كان يرأس حزب الحرية والعدالة، الواجهة الظاهرة للتنظيم، غير أنه كان مرشحًا احتياطيًا، استبن ككاوتش السيارة بتعبير المصريين. وكان “خيرت الشاطر” رجل التنظيم القوي هو المرشح الأول للجماعة البارعة في العمل السري، والكذب المنهجي.
قبل الثورة، كانت المزايا الكبرى لمرسي أنه وسيط ومفاوض بين الجماعة وأمن دولة مبارك، والولاء الأعمى للتنظيم، والسمع التام والطاعة لقياداته، كان رجل التنفيذ، الفارغ من كل فكر،
أو إبداع شخصي.
ومرسي ريفي من عائلة متواضعة بالشرقية، ريفيته بدت واضحة حتى بعد أن صار رئيسًا، خاصة في تعامله مع السيدات، ومازال المصريون يتندرون بحركته، ونظرته لرئيسة وزراء استراليا، وبشراهته للبط والجمبري!
ومرسي الذي بدأ توليه السلطة بالقسم ثلاثة مرات على احترام الدستور والقانون في ميدان التحرير، والمحكمة الدستورية العليا، وفي جامعة القاهرة، أصدر أغرب إعلان دستوري ممكن، إعلان دستوري يجعله دكتاتورًا مطلقًا، فوق الدستور والقانون، كانت هذه هي اللحظة التي دُق فيها المسمار في نعش مرسي وجماعة الإخوان. مرسي، الرجل السابع أو الثامن في التنظيم الهيراركي للجماعة السرية، لم يكن يملك سوى تنفيذ ما يصدر عن مكتب إرشاد الجماعة، ومنها هذا الإعلان الدستوري الذي فجر الغضب في البلاد.
ومرسي أول رئيس مصري بلحية، وإن كانت قصيرة في نظر السلفيين، طوال اللحى الهائشة، وأول رئيس مصري يجعل من صلاة الجمعة حدثا سياسيًا أسبوعيًا يعرض فيه تقواه وورعه وصلاته، وأول رئيس مصري يرتجل خطاباته الطويلة فيتكلم كثيرًا، بإنشاء فارغ، ولا يقول شيئًا!
مرسي يمكن أن يقبله أهل قرية كخطيب متواضع لمسجد صغير، لا أن يقبلوا
رئاسته لمصر.
لأسباب كثيرة كان ضروريًا أن يأتي إخواني لسدة الحكم، ليس فقط لأن الإخوان يطلبون السلطة منذ ثمانين عامًا، واتخذوا كل وسيلة للوصول إليها، وليس فقط لأنهم تنظيم دولي يسعى لخلافة إسلامية تقدم نفسها بديلاً عن الدولة الحديثة، لكن الأكثر أهمية أن يعرفهم المصريون، ويجربونهم.
كان المصريون يعرفون القليل، القليل جدًا عن رجال الله هؤلاء، فلما جلسوا على كرسي السلطة، عرفهم المصريون، كما عرف آدم أن حواء أنثى، عرف المصريون مَنْ هؤلاء، ماذا يريدون بالبلاد، ما مشروعهم وأفكارهم، كان ضروريًا أن يجرب المصريون الدولة الثيوقراطية التي تحكم باسم الله، ويتزعمها رجال ملائكة، يتقدمهم مرشد عليم خبير، يسوس رعايا لا مواطنين.
بطريقة أو بأخرى كانت مصر في طريقها لأن تكون”إيران” أخرى، هذا ببساطة ما أدركه المصريون خلال حكم مندوب الجماعة، محمد مرسي، فرفضوه، وثاروا ضده.