Hard Luck Bar (Arabic Text)
by Hamdy El-Gazzar / November 4, 2013 / No comments
عنوان العمود : مِن مصر
الكاتب: حمدي الجزَّار
أديب مصري، درَسَ الفلسفة، من أعماله الروائية: “سحْر أسْود”، و”لذَّاتٌ سِرّية”، و”كتاب السُطورُ الأَرْبَعة”، و”مَلحمة ثَورتنا”، تُرْجِمتْ أعماله إلى الإنجليزية والتركية والفرنسية والتشيكية، حاز جائزة مؤسسة ساويرس للأدب المصري 2006، واختيِّرَ في مشروع بيروت 39 ، أفضل الكُتَّاب العرب دون الأربعين.
موضوع الكتابة :
في هذه المساحة يُعنىَ الكاتب بشئون الثقافة والأدب المصري والعربي، وقضايا حرية الإبداع والفكر والتعبير في الوطن العربي، ويكتب بلا حدود، وبالأسلوب والنوع الأدبي الذي يراه، ومتحررًا من كل قيد.
قبل ست سنوات كان الكاتب، “العابر”، في حافلة، يقوم برحلة بين مدينتيْن في الغرب الأوسط الأمريكي. الطريق طويل، على جانبيه حقول ذرة صفراء لامتناهية. كان الكاتب يلصق وجهه بزجاج النافذة، ويحدق تارة في السماء الخالية من الطيور، وتارة أخرى في الحقول المنبسطة بلا أشجار، وبلا بيوت، وبلا بشر.
تدريجيًا اقتربت الحافلة من مبنى أنيق كبير ينتصب وحيدًا، في خلاء الصُفرَة، تابعتْ عينا الكاتب المبنى الفريد في هذا الطريق، وتوقفت طويلاً عند يافطة البار المنيرة في هذا الغروب. أعلي البار كانت اليافطة كبيرة وجميلة الخط، وتُضئ بألوان متعددة، باسم البار: Bad luck Bar.
الكاتب “العابر” أعجبه الاسم، وظل يتفكر فيه لشهور، حتى ظن أن بقدرته أن يكتب أولى قصصه عن أمريكا، قصة قصيرة بعنوان Bad luck Bar. الكاتب لم يفلح سوى في كتابة عنوان القصة، وسطور قليلة على ورقة بيضاء خلال شهور أخرى، يأس الكاتب من القصة، ونسى أمرها تمامًا.
بعد ست سنوات، في الشمال الغربي، في مدينة أمريكية أخرى، كان “العابر” يسير في شارع جميل، تحفه البيوت الملونة الجميلة، والأشجار، والزهور أشكال وألوان تحت عينيه، وفي كل مكان. كانت المدينة ربيعًا في غير وقته، رغم اقتراب الشتاء الجليدي، ها هنا. طقس استثنائي فريد، الشمس تسطع بالنهار، والقمر بدرًا بالليل، والمطر الرحيم يسقط عند الغروب، وفي الصباح الباكر.
كان الكاتب يركض سعيدًا تحت الشمسية، والمطر الغزير يُطْربُ أذنيه بوشيش رائق. الكاتب خرج في هذا الجو الماطر، فقط، ليجرب متعة السير تحت المطر في الغروب، وكان مبتهجًا، ورشيقًا يقفز في الشارع الخالي من البشر، يشاهد السماء، بطيورها، وشمسها الغاربة، ترسل الماء بسخاء وبلطف على الأشجار والزهور، والبيوت مبتكرة الواجهات، الطافحة بفنون الرسم، وتنسيق الزهور، وفروع الأشجار السارحة على الجدران، والأبواب.
بعد نحو ساعة تحت المطر كانت ملابس العابر قد ابتلتْ تمامًا، والشمسية صارت تنضح بالماء على رأسه.
لأقرب بار دخل العابر، بهدوء، مبتسمًا.
العابر لدهشته الكبرى وجد منافض، وسجائر مشتعلة ببعض الأيدي، ورأى رجالاً ونساء يشربون، ويدردشون، ويضحكون. بارات التدخين نادرة بالمدينة.
جلس العابر سعيدًا بزجاجة البيرة المحلية، وبالسيجارة التي أشعلها.
كان على شاشة كبيرة برنامج من برامج تليفزيون”الواقع”، يعرض حكاية عن واحدة:”إنها رجل حقيقي She is really a man!!”
المرأة السوداء الشابة السكيرة، التي عرفها الكاتب من مجرد النظر لعينيها، كانت تشاهد البرنامج، وتضاحك العجوز الأبيض إلى جوارها.
العجوز قال: برنامج سخيف، عمره خمسة وعشرون عامًا.
قال العابر متدخلاً: لا بد أنه يربح كثيرًا، وله جمهور؟
قال العجوز: نعم ، وصمت.
في البار شاشتان كبيرتان تبعثان قناتين مختلفتين، على الشاشة الأخرى مباراة بيسبول يتابعها رواد آخرون ضاجين بالحماس والترقب، وهناك، أقصى البار آلة كروكيت لا يلعب عندها أحد، وآلة موسيقى عتيقة، عندها تقف فتاتان من فتيات الحيّ، في العشرينات تقريبًا، يدفعن النقود، ويطلقن في فضاء البار، موسيقاهما المحببة كما تشاءان . الفتاتان مرحتان، وتتراقصان بلطف، واحدة رشيقة وشقراء، والأخرى بنية، وعظيمة العجيزة، ومجعدة الشعر.
عن يمين الكاتب ابتسم له “بن”، وقال بوجه طيب أحمر، وأسود:
– ” كل يوم أصحو من النوم، أنظر للسماء، وأقول “شكرًا شكرًا”، كل يوم أفعل هذا”.
للسماء في المدينة بيوت كثيرة.
وهناك في ركن كانت جماعة من العجائز يتضاحكون كصبية، ويرشفون كؤوسهم على مهل، وفي وقار.
الحقيقة لم يحدث شيء غير عادي على الإطلاق، بعض أهل الحي يقضون أمسيتهم بالبار، لا جديد، أحيانًا يتعارك اثنان ويتشاجران، أحيانًا يفترق صديقان، أحيانًا يقبل رجل امرأة، أحيانًا…
مثل أي بار في مدينة على ظهر الكوكب لم يحدث شيء مذهل، سوى أن البارمان أصر على أن يعزم العابر على زجاجة بيرة أخرى على حسابه، لم يحدث شيء مذهل سوى أن الكاتب”العابر” حين خرج من البار ألقى نظرة على اسم البار، وابتسم لنفسه.
كان البار يحمل اسم Bad luck Bar .
308 Sampsonia Way
19 October, 2013