I Was Born Just Yesterday Pt. 3 (Arabic Text)
by Hamdy El-Gazzar / August 26, 2013 / No comments
عنوان العمود : مِن مصر
الكاتب: حمدي الجزَّار
أديب مصري، درَسَ الفلسفة، من أعماله الروائية: “سحْر أسْود”، و”لذَّاتٌ سِرّية”، و”كتاب السُطورُ الأَرْبَعة”، و”مَلحمة ثَورتنا”، تُرْجِمتْ أعماله إلى الإنجليزية والتركية والفرنسية والتشيكية، حاز جائزة مؤسسة ساويرس للأدب المصري 2006، واختيِّرَ في مشروع بيروت 39 ، أفضل الكُتَّاب العرب دون الأربعين.
موضوع الكتابة :
في هذه المساحة يُعنىَ الكاتب بشئون الثقافة والأدب المصري والعربي، وقضايا حرية الإبداع والفكر والتعبير في الوطن العربي، ويكتب بلا حدود، وبالأسلوب والنوع الأدبي الذي يراه، ومتحررًا من كل قيد.
بالأمس فقط وُلِدتُ
3
أنا فوق الخشبة هم، وهم على أرض الميدان يسيرون برجلي، وقدمي.
طافوا بي، وطفتُ بهم، كل شبر في الميدان، وَرَدْنا كل المداخل، كل المخارج، طفنا بالميدان سبع أشواط، ورآنا كل الناس مثل سحابة بيضاء تطوف فوق الرءوس.
خشع الناس، وهم ينظرون إلينا، ورقت قلوبهم، والوجوه. كلهم مؤمنون، يعرفون أني حىّ أرزق، كلهم رأوا نصاعة لون الدم، وشموا مني ريح المسك، ورأوا في وجهي النور، ففرحوا لي، فرحوا بي، وارتجوا أن يكونوا مكاني، وأن ينزلوا مقامي.
في نقظة مركز الميدان، نحو القبلة، وضعني إخواني، والخشبة.
عند رأسي وقف إمام شاب، صبوح الوجه، نظر إلي وجهي، وأشرق وجهه بابتسامة تقي ورع، ثم قال بصوت سمعه كل الناس: “بارك الله لك..بارك الله عليك”.
أشار الإمام بالصلاة للناس وكبَّر، فاصطفتْ خلفه صفوف بلا حصر، فاض الميدان كله بالمصلين، وفاضتْ كل الشوارع المؤدية إليه، ياالله كم إنسان صلى علىّ.. يا الله كم صليتُ.
“الله أكبر” صعدت من ملايين الأفواه، هزت الأرض، وصعدت للسماء، صلوا عليّ وقوفًا، صلاة بلا ركوع ولا سجود، أربع تكبيرات، بينها الفاتحة والدعاء للنفس، ولي والتحية.
سلّم الإمام عن اليمين، وعن الشمال، فسلّم خلفه الناس.
عندما تقدم، الشباب، أصحاب الأكفان، واقتربوا مني والخشبة، قمتُ، فردتُ جناحيّ، نظرتُ إليهم، وابتسمتُ لهم، وببطء، وهدوء، طرتُ..
طرتُ، ورحتُ أحلق فوق رءوس الناس الذاهلين. بهتوا وأُلجمتْ ألسنتهم زمنًا، ثم رفعوا عيونهم والأيادي نحوي هاتفين مهللين، بالتدريج صرتُ أصعد، أصعد طبقة هواء بعد أخرى، طفتُ كل شبر فى سماء الميدان، وقبّلتُ كل نسمة هواء، وأقمتُ..
أقمت هنا لأيام، وليالٍ حتى انتصر الناس.
وهنا سأظل.
علقتُ روحي ها هنا، في هذا الميدان، ولنْ أبارح هذا المكان مطلقًا، أنا هنا مقيم ليوم الدين، أنا الطائر الذي وُلِدَ فقط بالأمس.. أنا الشهيد الحيّ.