My Grandfather: Naguid Mahfouz (in Arabic)
by Hamdy El-Gazzar / September 24, 2012 / No comments
عنوان العمود : مِن مصر
الكاتب: حمدي الجزَّار
أديب مصري، درَسَ الفلسفة، من أعماله الروائية: “سحْر أسْود”، و”لذَّاتٌ سِرّية”، و”كتاب السُطورُ الأَرْبَعة”، و”مَلحمة ثَورتنا”، تُرْجِمتْ أعماله إلى الإنجليزية والتركية والفرنسية والتشيكية، حاز جائزة مؤسسة ساويرس للأدب المصري 2006، واختيِّرَ في مشروع بيروت 39 ، أفضل الكُتَّاب العرب دون الأربعين.
موضوع الكتابة :
في هذه المساحة يُعنىَ الكاتب بشئون الثقافة والأدب المصري والعربي، وقضايا حرية الإبداع والفكر والتعبير في الوطن العربي، ويكتب بلا حدود، وبالأسلوب والنوع الأدبي الذي يراه، ومتحررًا من كل قيد.
تمثال عمر مكرم يقف في وسط ميدان التحرير تقريبًا، فى وقفته الشامخة وحضوره البارز هذا، استلفتَ انتباه متظاهرٍ دائم بين الحشود في الميدان، أوحَى لأستاذ الفلسفة عليّ مبروك بمفتاح قرائته لتاريخ مصر السياسي والفكري، وصور الخطاب فيه، خلال القرنين السابقين، وصولاً للحظة الراهنة
عام 1805 وقف عمر مكرم وكبار شيوخ نخبة مصر يخاطبون محمد علّى، فقالوا: “لا نريد الباشا خورشيد واليًا علينا، ولا بد من عزله، لا نرضي إلا بكَ، تَكونُ حاكمًا علينا بشروطنا، شروطنا نحن
ولأْن قرنيْن انقضيا دون أن يتحقق مطلب المصريين في” حاكم يحكم بشروط الشعب”، فقد شهد عمر مكرم، التمثّال، وعلى مبروك أستاذ الفلسفة، أحداث ووقائع أضخم ثورة مصرية في تاريخها، في الخامس والعشرين من يناير2011
يرى علّي مبروك أن الدولة التي أرادها المصريون منذ أكثر من قرنين هي” دولة الحق”، دولة القانون والعدل، وسيادة الشعب، وأن الحاكم أرادها على الدوام دولة “القوة”، مستعينًا مرة بالغلبة، بقواته المسلحة وجنوده، ومستعينًا بالدين، بالله، وحق التفويض الإلهي، مرة أخرى.
محمد عليّ الذي تولى حكم مصر بإرادة الناس وبثورتهم انقلب عليهم، ورأىَ أنه يستمد
شرعية حكمه من الله، وليس من الشعب، فقال لمُنظِّر دولته البارز، رفاعة الطهطاوى: “إِن ولاية الباشا من الله، وليستْ من النا س”!
كيف تتأسس دولة “الحق” في العالم العربي وتنجزها ثوراته الراهنة، وكيف له أن يطوي صفحة دولة “القوة”، ويتقدم للأمام؟
إجابة عليّ مبروك على هذا السؤال تقوم على أن التأسيس لدولة “الحق” على حساب دولة “القوة” القامعة لن يكون ممكنًا إلا عبر تجاوز الخطاب الذي ساد على مدى القرنين السابقين، والانتقال إلى خطاب يؤسس لدولة حديثة، قوامها الديمقراطية، وسيادة الشعب، والخطاب العقلانى النقدي، الخطاب الذي ساد القرنين الماضيين جوهره التسلط والاستبداد، خطاب أبوي، وصائي، يؤسس لما يسود في المجتمع من علاقات الخضوع والإذعان، والخطاب الذي يجب التحول إليه هو خطاب “العقلانية النقدية” الذي يؤسس لعلاقات التفاعل، والحوار، والندية.
هذا الخطاب وحده هو القادر على إحداث التحول من الدولة الاستبداية، الطائفية، العشائرية، الأبوية، إلى دولة “المواطنة المدنية”.
*صدر كتاب “ثورات العرب، خطاب التأسيس” لعلّي مبروك، عن دار العين،2012
لنكات مفيدة
– غلاف الكتاب ونبذة عنه.
جدي نجيب محفوظ مواطن طيب، دائم الابتسامة، يمشي على قدميه، لا يحب السيارات، لم يملك واحدة أبدًا طيلة عمره المديد، الذي بلغ المائة وسنة هذا العام.
هذا الصباح، كالعادة، خرج فى السادسة من شقته الأُجرة الأرضية بشارع النيل، بالعجوزة، متأبطًا مغلّفًا ورقيًا به بعض أوراق، مشى مئات الأمتار ثم عبر النيل، كوبري الجلاء أولاً، ومن بعده كوبري قصر النيل، واجتاز ميدان التحرير، وهو يبتسم له فَرِحًا به، وفي مقهى “على بابا” جلس ليقرأ جرائد الصباح التى اشتراها من بائع الجرائد ضخم الجثة بأول طلعت حرب، بدأ قراءة الصحف، وهو يرشف قهوته ببطء، فتكدّر وجهه، واكفهر قليلاً.
بعد دقائق ترك الجرائد والأخبار التى لا تسر، وراح يتأمل الميدان تحته، تذّكرَ أنه يجب أن يكتب شيئًا، لكنه لن يكتب هنا، سيرجأ الكتابة إلى حين أن يأتي وقتها، في مكتبه، وفي الساعات المحددة للكتابة.
جدي منضبط كالساعة، ودقيق، وصارم مع نفسه والحياة.
جدي ليس بكاتبٍ واحد، جدي كُتَّاب كثيرون، روائيون وقصاصون وكُتَّاب سيناريو، ومسرحي واحد على الأقل، وشاعر.
في شبابه المبكر افُتتنَ بالفلسفة، وكان سيذهب في بعثة لأوربا لإكمال دراسته العليا لكن “ما حصلش نصيب” بسبب اسمه، فقد ظنوه مسيحيًا، وأوقفت إدارة الجامعة بعثته للخارج.
جدي رجل ضحوك يتذكر ذلك، ويضحك.
بدأ مسيرته الأدبية بالوقوع في غرام مصر القديمة، وكان يريد أن يهب حياته كلها لكتابة عشرات الروايات عن مصر الفرعونية، لم ينجز منها سوى ثلاثة، بعدها غيّر رأيه، واتجه للواقعية فذهب إلى مصر الفاطمية التى ولد وعاش سنوات طفولته المبكر بها، فكتب “خان الخليلى” و”زقاق المدق”، والثلاثية، وغيرها كثير، ثم عاوده الحنين للتفلسف فأبدع “الطريق” و”السراب” و”أولاد حارتنا” وما تعرف،أنتَ، أكثر مني، ومن محبته للحرافيش أبدع لهم ملحمة، الحرافيش التواقين للعدل وللحرية أعني. وحين اقترب ودنا من شيخوته الجليلة راح يقرض الشعر ويسميه “أصداء السيرة الذاتية “و “أحلام فترة النقاهة”، النقاهة من ماذا؟
من ضربة السكين الصدأ الذي غُرِسَ في رقبة الشيخ، وهو فى الثالثة والثمانين، بسبب نفوس مظلمة، وعقول أشد ظلامًا، تطلق السموم في أدمغة عامةٍ، منهم طيبون وفيهم جهلاء، وبيد جاهل من هؤلاء، لم يقرأ له سطرًا واحدًا، كاد يفقد حياته.
عاش جدي بعدها بيد يمنى مرتعشة، وجرح نفسي بالغ، لكن يده الأخرى كانت ما تزال تكتب.
جدي يتساءل هل سيتعرض مرة أخرى للقتل بسبب تجارة الدين الرائجة في البلاد؟
جدي يقرؤكم السلام، ويقول:
” إن مصر بلا إبداع، وفن، وأدب، ليست بمصر يا أحفادي، تركتُ لكم روايات هي شعر الحياة الحديثة وهي قصائد غزل فيكم، وفي الإنسانية، فكونوا طيبين متسامحين، محبين للإبداع والفن والسهر والأنس..أسعد الله صباحكم.”