Brother Hassan and Sheikh Sayyid Qutb (Arabic Text)
by Hamdy El-Gazzar / September 9, 2013 / No comments
عنوان العمود : مِن مصر
الكاتب: حمدي الجزَّار
أديب مصري، درَسَ الفلسفة، من أعماله الروائية: “سحْر أسْود”، و”لذَّاتٌ سِرّية”، و”كتاب السُطورُ الأَرْبَعة”، و”مَلحمة ثَورتنا”، تُرْجِمتْ أعماله إلى الإنجليزية والتركية والفرنسية والتشيكية، حاز جائزة مؤسسة ساويرس للأدب المصري 2006، واختيِّرَ في مشروع بيروت 39 ، أفضل الكُتَّاب العرب دون الأربعين.
موضوع الكتابة :
في هذه المساحة يُعنىَ الكاتب بشئون الثقافة والأدب المصري والعربي، وقضايا حرية الإبداع والفكر والتعبير في الوطن العربي، ويكتب بلا حدود، وبالأسلوب والنوع الأدبي الذي يراه، ومتحررًا من كل قيد.
الأخ حسن والشيخ سيد قطب
مؤخرًا عدتُ لقراءة كتاب سيد قطب “معالم في الطريق”، فتذكرتُ المرة الأولى التي رأيت فيها هذا الكتاب، رأيته للمرة الأولى بيد الأخ حسن.
منذ ما يقرب من ثلاثين عامًا، دار نقاش حول “معالم الطريق” هذه بين الأخ حسن، وأخ زائر جاء لبلدتنا من بعيد. كانا حادين في جدلهما، مرتفعي الصوت، ومختلفين، ومن صلاة العصر لصلاة المغرب اختلفا، وتشاجرا بالكلمات.
في النهاية حسم الأخ حسن الجدال، وأنهاه لصالحه.
فتح الكتاب على صفحة أمام عيني الأخ الزائر، ووضع إصبعه تحت عنوان أحد الفصول، كان العنوان هو” الجهاد في الإسلام”، ورفع الأخ حسن رأسه لأعلي، وقال لأخيه الزائر:
” حسنًا، هذا هو كل شيء”.
الأخ حسن موظف بالقاهرة، ويعيش ببلدتنا مستثمرًا المساءات والإجازات في نشر الدعوة. كان يعلمنا، نحن أطفال ومراهقي الحيّ والبلدة، أحكام تجويد القرآن، وبعض الأحاديث النبوية، بمسجد “سيدى صمصام” على مضض، لأن الجامع يحوي قبرًا لصوفيّ، بالطبع ليلة المولد الكبيرة سيحبسنا بالجامع حتي لا نشارك في شركيات المولد.
وكان يساعدنا في مذاكرة دروس المدرسة، ويعيرنا الكتب الدينية، ويمنح الصدقات التي يجمعها لبعض أهالينا.
في الإجازة الصيفية يصحبنا، هو وبعض إخوة بلدتنا، لصحراء المقطم أو صحراء سقارة؛ لنعسكر يومًا، نملأه بتلاوة القرآن، وأناشيد الجماعة، ولعب الكرة.
كانت أيام العسكرة هذه، أيامًا بهيجة لأطفال فقراء، ومتوسطي الحال، من أمثالنا.
والأخ حسن الذي يتعصب لسيد قطب، ينظم لنا، أحيانًا نادرة، أمسيات لمشاهدة بعض الأفلام التسجيلية. في أحد هذه الأمسيات عرض علينا فيلمًا عن مذبحة “صبرا وشتيلا “، وآخر عن دك قوات حافظ الأسد لحماة، قبل أن يفرفشنا بفيلم مضحك لمصارعة الأقزام.
والأخ حسن كان يقربني إليه، ويخصني ببعض النصائح والتوجيهات حتى أصير مسلمًا أفضل، وبسبب معرفته بجدي وأمي كان لا يمانع فى وجودي، وهو يناقش أحد الأخوة. كانت علاقتي وثيقة وودية بالأخ حسن حتى كان ذلك اليوم.
يومها، قَدِم إليه شاب، في مثل سنه، لا يبدو عليه أنه “أخ في الله”، فلحيته طويلة وهائشة، ويرتدي جلبابًا وفوق رأسه هدرة خليجية بيضاء. الشيخ حسن يرتدي القميص والبنطلون، وليس له لحية، فقط شارب أسود قصير.
الشاب الزائر تحدث للأخ حسن طويلاً عن “سيد قطب ” حتى طرب، وبدا في مزاج رائق سعيد، وهو يبادل زائره مديح “سيد قطب”.
قالا كلاما كثيرًا لم أفهم بعضه، ولكنني فهمت تمامًا، وعميقًا، تلك العبارة الخالدة التي غيرت مجرى حياتي. الأخ حسن قال لزائره : “نحن متفقان، أي منا يصل (للحكم) أولاً، يكون أخوه الثاني معه”.
كنتُ مراهقًا حين أحسست بأنني قد خُدِعتُ، وغُدِرَ بي، وبأن الشيخ حسن قد ألقي بي من عنان سماء فردوسية إلي جحيم الأرض.